الورد هوعبارة عن الاذكار والاوراد الكلاميّة، وكيفيّتها وكمّيّتها منوطة برأي الاُستاذ، لانَّ مَثَلها مثل الدواء، بعضها نافع وبعضها ضارّ، وقد يحدث أن يشتغل السالك بنوعين من الورد، أحدهما يوجهه إلی الكثرة والآخر إلی الوحدة، وفي حال اجتماعهما تكون النتيجة أن يبطل كلّ منهما الآخر، فلا يعودان علیه بفائدة. فالاُستاذ إذَن شرط في الذكر الذي لم يأت بخصوصه إذنٌ عامّ، وأمّا الذي جاء فيه إذن عامّ فلا مانع من الاشتغال به.
الورد علی أربعة أقسام : قالبيّ، وخفيّ، وكلّ منهما إمّا إطلاقيّ أوحصريّ. وأهل السلوك لا يعتنون بالقالبيّ، لانَّ الورد القالبيّ عبارة عن تلفّظ اللسان دون الالتفات إلی المعني، وفي الواقع هولقلقة لسان، ولانَّ السالك يبحث عن المعني لا عن شيء آخر، فلن يكون الذكر القالبيّ مفيداً له.
الفرق بين الذِّكر والوِرد:
اعلم أنّ الذِّكر في اصطلاح العُرفاء هو غير الوِرد، إذ الورد عبارة عن الذِّكر اللفظيّ الجاري علی اللسان ؛ أمّا الذِّكر فهو التوجّه إلی المعني بإمراره ـ أو من دون إمراره علی القلب.
وذلك لانّ أصل معني الذِّكر في اللغة هو التذكّر والتذكير. وإذا ما أُطلق علی بعض الاوراد اللفظيّة، فبسبب أنّ اللفظ باعث علی التذكير بالمعني ؛ فهم يُطلقون لفظ المسبّب علی السبب.
وعلی هذا الاسـاس، فقد أطلق المصنّف رحمه الله الذكـر هنا علی الاوراد اللفظيّة، وحيثما جري الحديث عن الذكر، فإنّ المقصود به هو الاوراد اللفظيّة التي تنقسم إلی عدّة أقسام.
يقول المصنّف رحمه الله: إنّ أهل السلوك لا يعتنون بالذكر القالبيّ بعد طيّهم درجات معيّنة. أمّا في بداية السلوك، فإنّ الذكر القالبيّ يندرج ضمن الاذكار الضروريّة للسالك. والمراتب الاربع من الذكر التي يتوجّب علی السالك أن يلتزم بها بالترتيب ـ ابتداء من أوّلها هي بأجمعها من الاذكار القالبيّة.
أمّا الذكر الخفيّ القالبيّ، فمع أ نّه أقوي من جميع الاذكار الخياليّة القالبيّة، لكنّ الحاجـة إليه سـتنتهي بعد طيّ المراحـل الثمان للذكر الخيإلی القالبيّ والنفسيّ، وبعد طيّ مرحلة الذكر الخفيّ النفسيّ، وستنتفي ضرورته ـ كما يأتي لاحقاً بعد ارتقاء الدرجات السابقة.
فإن ورد السالك الذكر الاكبر والاعظم بعد طيّه المراحل التسعة السابقة، وبعد طيّه مرحلة الذكر الذاتيّ، فإنّ عليه القيام بها بأجمعها في هيئتها النفسيّة، مع الاءعراض عن القالبيّ بشكل كامل، كما ستأتي الاءشارة إليه.
[20] ـ المراد بالذكر الخيإلی القالبيّ هو أن يُجري السالكُ الذِّكر علی لسانه دون توجّه إلی معناه.
[21] ـ المـراد بالاءبـاحـة، الاءبـاحـة فـي الاكـل والشـرب. والمـراد بالتعطيل، نفي الاحكام كلّيّاً بالمرّة، وبعبارة أُخري: عدم التكليف.
والمراد بالاءذاعة، نشر وإشاعة الاسرار الاءلهيّة بين الاجانب.